يستقبل طلبة ورواد ومشائخ زاوية سيدي بلعموري بسيدي عيسى شهر رمضان في أجواء خاصة .. في هذا الإطار كتب مراسلنا بوعلام.ن.
مع اقتراب شهر رمضان، الشهر المعظم الذي تتنزل فيه الرحمات، وتضاعف فيه الحسنات، وعتق الله لعباده من النار .. تبدأ الرحلة في شهر شعبان، ففي الأسبوع الأخير منه يقوم إمام المسجد بشرح أحكام الصيام للمصلين والطلبة، ويجيب على استفساراتهم وأسئلتهم المتعلقة بالصوم، كل ذلك بأسلوب سهل ميسر قصد فهم العامة، وبما يتناسب مع مستوى الغالبية من الحضور.
وقبيل الشهر المبارك، يحدثهم الإمام عن وجوب التوبة إلى الله لتصفو القلوب، ويدعو إلى الاستفادة من كل لحظة من لحظات رمضان، ومن هذه النفحة الربانية، ويذكرهم بحال السلف الصالح من صحابة وتابعين وكيفية استقبالهم له، وكذا أحوال الصالحين وهم يرحبون بالمطهّر كما قال عليه الصلاة والسلام، راجيا أن نكون مثلهم، مذكرا بفضله الكبير، قائلا على لسان الشاعر:
أدِمِ الصيام مع القيام تعبدًا
فكلاهما عملان مقبولانِ
قم في الدجى واتْلُ الكتاب ولا تنم
إلا كنَوْمَة حائرٍ ولهانِ
فلربما تأتي المنية بغتة
فتُساق من فرسٍ إلى أكفانِ
... إنها ليلة الشك .. الكل يترقب .. وبمجرد ثبوت رؤية الهلال، تعم الفرحة صفوف طلبة الزاوية بقدوم هذا الضيف، فهم يدركون فضائل شهر ه الكريم، مرددين قول النبي صلى الله عليه وسلم" إِنَّ للَّهِ عُتَقَاءَ مِنَ النَّارِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، وَلِكُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ " ، فلا ينبغي تضييع الفرصة، فتراهم فرادى ومجموعات يكثرون من التسبيح والذكر في غدوهم ومجيئهم بين المحضرة (عبارة عن مجمع تعليمي ثقافي) والمسجد وساحته ...
إنها ليلة ليست كباقي الليالي تستشعر فيه جوّا روحانيا نسائمه إيمانية، يخرجك من عالم الماديات إلى عالم لا يمكن الوصول إليه إلا بهذا التسبيح والتهليل وتلاوة القرآن خاصة ليلا حيث تنقطع المشاغل، ويصبح التمعن والتدبر في كلام الله أمرا مرغوبا ومحبوبا آخذين بقوله تعالى:" إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً" .
إذًا هي ليلة الاستقبال، يتم فيها العزم الصادق من الجميع على أنهم يتخلصون من جميع المنكرات، وأن يكون رمضان كله أعمال صالحة، وعدم تضييع أوقاته فيما لا يفيد، سلاحهم كثرة الدعاء والاستغفار، والذكر وتلاوة القرآن، دون نسيان المحافظة على أوقات الصلوات والنوافل ...
ها هي الرحلة قد بدأت، الكل متهيئ وعازم على استغلال وقته، فترى الطلبة يدعون بدعاء استقبال الشهر وهي كثيرة، كقولهم: اللهم أعنّا في رمضان على صيامه، وجنّبنا فيه من هفواته وآثامه، وارزقنا فيه ذكرك بدوامه، اللهم اجعل لنا فيه نصيبا من رحمته الواسعة، وأهدنا فيه لبراهينك الساطعة، وخذ بناصيتنا إلى مرضاتك ...".
الطلبة الآن مع موعد أول ليلة لصلاة القيام، والتي تعرف أيضا بصلاة التراويح، وكل منهم تحذوه رغبة كبيرة في أن يؤم الناس بحثا عن الأجر العظيم، ولو تسأل أحدهم يجيبك بأن قيام رمضان من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربّه في هذا الشهر، وأن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه، جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بينهما وفّي أجره بغير حساب، فقيام لياليه مصدقا وعد الله، وثوابه طلب للأجر لا بقصد آخر، يغفر ما تقدم من ذنوب، وصدق عليه الصلاة والسلام:" من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه" .
نشر في الموقع بتاريخ : الأحد 7 رمضان 1432هـ الموافق لـ : 2011-08-07