في الوحدة الوطنية
ولا تفرقوا
حينما يتعرض شعب من الشعوب للخطر، فإنه يحشد جميع اسباب القوة لتغلب عليه .ويحدثنا التاريخ ان "وحدة " الشعب هي ركيزة اسباب القوة جميعاوانه بدون هذه الوحدة لا تفشل الشعوب في تحقيق اهدافها فحسب بل انها تتعرض للفناء ولذلك فإن اعداء الشعوب يركزون هجومهم على وحدة الشعب لانهم يدركون سلفا انهم إذا حطموا وحدة الشعب انفتحت امامهم كافة الابواب ليحققوا مآربهم ..وتاريخنا في الجزائرحافل بالمظاهر ذات الارتباط بالوحدة فلقد كانت زورق النجاة امام الشعب الجزائريي حينما تعرض لمختلف الغزوات وكان الشعب يدرك بفطرته السليمة حاجته للوحدة الوطنية كلما هبت عليه رياح الخطر وبلغ ذلك قمته في ثورة نوفمبر 1954... وكذلك تاريخنا العربي والاسلامي لا يقل دلالة في هذا الصدد فحينما احس الشعب العربي بوحدته تحت راية الاسلام وضع اساس حضارةوارفة اظلت العالم وكانت القنطرة التي عبرت عليها اوربا الى حضارتها المعاصرة .. وحينما تسللت الى جسد امتنا جراثيم الفرقة والضعف في صورة شعوبية ومذهبية وعقائد غريبة علينا في عقر دارنا واصبحنا نتقاتل بأيدي اعدائنا ونمزق ذاتنا شر ممزق... ولذلك فأن اعداء توحيد الشعب - بالرغم من اختلاف اهدافهم واساليبهم يجمعون على محاربة الوحدة بكافة السبل والوسائل .
علينا ان نعمل جميعا إذن افرادا وجماعات فكرا وجهدا لتوضيح الاخطاء وتلمس افضل السبل والحلول لكي نصل الى اهدافنا الكبرى في الحرية والوحدةوالاستقلال التام ...وبدهي انه اذا كانت الاهداف الكبرى ثابتة فان الاساليب والوسائل والطرق للوصول اليها تتغير بتغير الظروف ...وفترات التحول في حياة الشعوب مليئة بالاخطار و "الارهاب " يجيء على راس هذه الاخطار لانه يزرع البلبلةوالعنف اوساط المواطنين – وما الحوادث العنف المنتشر هنا وهناك الا من صنع هذه الدوائر الخارجية التي تريدان تخلط الاوراق وتذهب بالبلاد الى الهاوية ..وان كانت تخفي نفسها وتدعي حرصها على الوطن و"وحدة الوطن"وتخفي اهدافها وما تريد الوصول اليه .. هي باختصار تريد التمكين لخيارها بالبقاء وهي تغعل ذلك لحاجة في نفسها وهو ما يدفع الشعب ثمنه في النهاية ويكون الثمن افدح للدولة التي تجتاز اليوم فترة حاسمة في عمرها وحياتها بعد ان تعافت من ظاهرة العنف الذي اطال عمره "هؤلاء" وهي اليوم بمثابة المريض الذي تعافى من مرضه ويجتاز فترة نقاهة... فالنكسة ان حدثت ستكون اخطر من المرض لا - لا قدر الله- ولهذا تعمل الدولة التي تؤمن بالمعاني السابقة على تمكين الشعب- بمختلف افراده وتنظيماته-من العيش الكريم الحر في ظل الهدوء والسلم ... .. وإ ذا كانت وحدة الفكرهي ابرز دعامات الوحدة الوطنية فانها لاتعني البتة او بحال من الاحوال الحجر على حرية الفكر وكبت حريات المواطنين في كشف الاخطاء والعيوب
مكاشفة الشعب بالحقائق :
ان الحرب النفسية كانت ولا تزال اخطر الاسلحة على الوحدة الوطنية.. ولقد زاد من ضراوة هذه الحرب وتدعيم فاعليتها المكتشفات العلمية الحديثة والتي تجعل من العسير اخفاء المعلومات الحيوية على الاعداء فالاقمار الصناعية التي تجوب السماء ليلا ونهارا والتي تصور كل شيء على الارض ووسائل الاتصال السمعية والبصرية واجهزة التصنت والتسمع التي لا تكاد ترى ووسائل الانتقال السريعة ... الخ كل ذلك جعل من الميسورعلى الدول التي تتصارع من اجل الظفر بنا ان تعرف ادق اسرار ما يدور عندنا... وعناصر الوحدة الوطنية مهما كانت درجة ترابطها لا بد وان توجد بينها ثغرات يحاول الاعداء النفاذ منها لخلخلة هذا الترابط وغرس بذور الشقاق .. هذا العدو على فكرة لا يستفيد من التقدم العلمي في وسائل الاتصال والانتقال فحسب بل يسخر ايضا المكتشفات العلمية في المجالات النفسية والاجتماعية ومن ثم فانه يجمع كل انواع المعلومات عن حياتنا ومشاكلنا واسلوبنا في التصرف ... الخ وهناك علماء من مختلف التخصصات يعملون بلا ملل ولا كلل لتحليل هذه المعلو مات واستخلاص النتائح منها واختيار انجح الوسائل والاساليب لتفتيت جبهتنا الداخلية والتغلب على صمودها.. عدونا بعد ان فشل في الماضي عن طريق الحرب المسلحة او زرع الفتنة المسلحةالقى بكل ثقله في هذا المجال لانه ايقن ان تفتيت الجبهة الداخلية هو سبيله الوحيد الى الوصول الى اهدافه .. هو اذن اسلوب الغدر والوقيعة والتسلل بين الشعوب بكافة الاساليب غير الاخلاقية وضرب الجماعات البشرية بعضها ببعض ...
قد كان جو العنف ولا يزال انسب الظروف لممارسة اسلوب الحرب النفسية لتفتيت الجبهة الداخلية وتحطيم الوحدة الوطنية ولولا اصالة الشعب الجزائري وتجاربه العديدة مع اصناف الاستعمار المختلفة التي تعرض لها عبر القرون لحقق من كان يتربص بنا الدوائر اهدافه كاملة غير منقوصة .. فاصالة الشعب الجزائري وقوة عناصر الوحدة فيه هي التي جعلته يرفض الاستعماراي يرفض هزيمة لو تعرض لها شعب آخر لركع على ركبتيه وسلم لعدوه بما يشاء ..
ولكن متابعة تعرض الجسم السليم للجراثيم لا بد وان ينتهي به الى المرض وحمايته من هذه النتيجة الحتمية لا يكون الا بتحصينه ضد المرض .. وانجح"مصل" يجب ان يطعم به الشعب هو مكاشفته بالحقائق باستمرار.. والحروب في عالمنا المعاصر هي حروب الشعوب قبل ان تكون حروب الجيوش المنظمة ...وحتى يمكن ان تؤدي الشعوب الصامدة رسالتها لا بد ان تلم بالحقيقة كاملة لانها صاحبة الحقيقة.. وبالجملة فان الشعور ب "الوحدة الوطنية " هو احساس يتكون عند المواطنين عندما تتوافر عوامل متعددة وكلما توافر عدد اكبر من تلك العوامل كلما ازداد الاحساس بالوحدة في نطاق الدولة كما ان الوحدة تصبح في مقام الضرورةفي اوقات الخطروحينما تجد الشعوب نفسها في مفارق الطرق..نشر في الموقع بتاريخ : الأحد 27 جمادة الثاني 1438هـ الموافق لـ : 2017-03-26